الأحد، 23 أكتوبر 2011

عبدالجليل: ليبيا الحرة.. إسلامية

احتفل الليبيون الأحد بشكل رسمي بما أطلقوا عليه “يوم تحرير ليبيا بالكامل”، وذلك في مهرجان مركزي جرى تنظيمه في مدينة بنغازي الواقعة شرقي البلاد، والتي كانت أوَّل مدينة ليبية تعلن انعتاقها من نظام العقيد معمر القذافي الذي قُتل يوم الخميس الماضي.
وقد بدأ الاحتفال بعزف النشيد الوطني الليبي الجديد وبعروض لطلائع ثوار ليبيا وطلائع الجيش الوطني الوليد.
وقد ألقى المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، كلمة المجلس التي استهلَّها بالسجود على أرض ميدان الاحتفال “شكرا لله على الإطاحة بنظام القذافي”، ومن ثمَّ ناشد الجميع بعدم إطلاق النار ابتهاجا بالتحرير.
بعدها قال عبد الجليل: “كفاح الليبيين ضد معمََّر القذافي كان قد بدأ منذ ذلك الانقلاب (أي انقلاب القذافي على النظام الملكي عام 1969)، ولكن اللحظة لم تحن إلاَّ هذا العام”.
بعدها شكر عبد الجليل الدول والمنظمات والجهات العربية والدولية التي ساعدت ثوار ليبيا بالإطاحة بنظام القذافي، مشيرا إلى أن أبرز تلك الجهات كان حلف الناتو “الذي أدار الحملة ضد نظام القذافي بكل جدارة”.
كما شكر عبد الجليل الثوار وكافة مكوِّنات المجتمع المدني وكل من كان له دور في التخلُّص من النظام السابق.
شريعة إسلامية
وقال: “إن أي قانون مخالف للشريعة الإسلامية هو موقوف فورا، ومنها القانون الذي يحد من تعدد الزوجات”.
وأضاف قائلا إن ليبيا الجديدة ستسعى لإرساء نظام بنكي إسلامي، ومنها الإعفاء من الفوائد المصرفية لأي قرض اجتماعي أو سكني بحدود 10 آلاف دينار ليبي، وإلغاء الربا.
وقال: “بإذن الله تعالى، سيكون هنالك المزيد من المزايا لأسر الشهداء. وها نحن نعلن اليوم أن هنالك ترقية استثنائية لكل العسكريين والمدنيين الذين شاركوا في معارك القتال ضد نظام القذافي”.
وأضاف: “أدعو الجميع للسير في الطريق القويم. أموالنا وأعراضنا ودماؤنا حرام علينا. التسامح ونبذ العنف والحقد أمر ضروري لنجاح الثورة”.
وقال: “أدعو كل الليبيين إلى الاحتكام إلى القانون ولا شيء سوى القانون. وما عليكم إلا بالصدق والصبر والتسامح.”
وأردف بقوله: “نحن بحاجة إلى جيش وطني يحمي الوطن. المستقبل سيكون زاهرا لكم أيها الليبيين، وما عليكم سوى بوحدة الصف وبتقوى الله”.
كما وجَّه التعزية إلى الشعب التركي بسقوط المئات من القتلى جرَّاء الزلزال الذي ضرب البلاد الأحد. كما عزَّى أيضا الشعب السعودي بوفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي الذي وافته المنية السبت في الولايات المتحدة.
كما دعا للشعبين اليمني والسوري بالنصر.
بيان التحرير
بعدها تلا عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الانتقالي، بيان تحرير ليبيا والذي جاء فيه: “الشعب الليبي، وهو يؤسس لدولة القانون، يؤكد احترام كافة الاتفاقيات القائمة”.
وأضاف: “اليوم ندخل بخطى ثابتة إلى مرحلة ما بعد التحرير”.
شؤون الشهداء والجرحى
وقد ألقى عبد الرحمن الكيسة، وزير شؤون الشهداء والجرحى، كلمة في الحفل قال فيها: “لقد كذَّبتم معمَّر القذافي الذي خاطبنا من أنتم فأصبح الآن جيفة (جثة) هامدة… الخزي والعار لأزلام القذافي وزبانيته”.
وقد حيَّا الكيسة ملك ليبيا الراحل محمَّد إدريس السنوسي الذي كان القذافي قد أطاح في عام 1969 بنظامه الموالي للغرب.
وأضاف: “أعدكم أنكم ستشاهدون أفعالا وأفعالا كبيرة بحجم رجالات ليبيا”.
كما ألقى اللواء عمر الحريري كلمة الجيش الوطني الليبي تحدث فيها عن دور الضباط والعناصر العسكرية الذين انشقوا عن نظام العقيد القذافي وانضموا إلى الثوار.
وقال: “سوف يعاد تنظيم الجيش الوطني بشكل كامل ليتماشى مع تطورات وروح العصر، وليكون في خدمة الوطن، ولن يكون في خدمة طاغية آخر”.
ثمن الحرية
وأضاف: “الحرية ثمنها عظيم، ولكن المحافظة عليها أصعب من نيلها”.
أمَّا كلمة الأمن الوطني، فقد ألقاها الدكتور عاشور شويِّص، وقد ناشد فيها الليبيين ببدء صفحة جديدة “لإعادة إعمار ليبيا الحديثة”.
كما ناشد “كل من حمل السلاح من كافة الليبيين بتسليم السلاح إلى السلطات الجديدة والمساهمة في إعادة إعمار ليبيا”.
وطالب الليبيين بالرد على من يراهن بأن ليبيا ستكون صومالا جديدة بالبرهان أن ليبيا الجديدة “ستعطي للعالم مثالا آخر للتقدم والحضارة”.
وقد ألقى فوزي بوكتف كلمة باسم سرايا الثوار تعهَّد فيها بإعادة جميع العربات المسلحة إلى ثكناتها، وبدمج سرايا الثوار بالجيش الوطني وبتسليم أسلحتها إلى الجيش.
وقد عدَّد بوكتف أسماء العديد من الضباط والثوار الذي أسهموا بالثورة وبالإطاحة بنظام القذافي.
ودعا إلى جعل ليبيا الجديدة أنموذجا لدولة القانون ولبناء البلاد وتحقيق الازدهار للشعب الليبي.
اختيار بنغازي
وقد وقع الاختيار على استضافة حفل الإعلان عن “تحرير ليبيا” على مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، كونها المدينة الكبرى الأولى التي أعلنت انعتاقها من نظام القذافي في أعقاب إعلان الثورة على نظامه في السابع عشر من شهر فبراير/شباط الماضي بعد حوالي 42 عاما من وصوله إلى السلطة في البلاد.
كما أن رمزية المدينة تأتي من كون المجلس الانتقالي قد اتخذها مقرَّا له في أعقاب سيطرة قواته عليها حتى سقوط العاصمة طرابلس في أيديهم أيضا وانتقال المجلس إليها في وقت لاحق.
وقال مراسل بي بي سي في بنغازي إن الأجواء في المدينة هي مزيج من الشعور بالبهجة والارتياح لانتهاء ثمانية أشهر من القتال ضد نظام ديكتاتوري جثم على صدور الليبيين لأكثر من أبعة عقود.
وقد حضر آلاف الليبيين الحفل الذي أحيط بإجراءات أمنية مشدَّدة، وحلَّقت طائرات الهليوكبتر فوق الميدان الذي استضاف الحدث.
كما حضر الحفل أيضا العديد من سفراء الدول التي ساهمت قواتها في محاربة كتائب القذافي والقضاء على نظامه، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وقطر ودول أخرى.
يُشار إلى أن القيادة الليبية الجديدة قد تعرَّضت لضغوط لتوضيح ملابسات مقتل القذافي في مدينة سرت، مسقط رأسه، بعد صدور تقارير عن استهداف طائرات الناتو لموكبه في المدينة قُبيل إلقاء الثوار القبض عليه وقتله.
تحقيق “مفتوح وشفَّاف”
وتقول الولايات المتحدة إن التحقيق المزمع بمقتل القذافي يجب أن يكون “مفتوحا وشفافا”.
كما دعت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي إلى فتح تحقيق متكامل بمقتل القذافي، وهو ما دعت إليه أيضا عدة منظمات حقوقية دولية.
وأظهرت لقطات فيديو القذافي وهو معتقل حيَّا، ثم لقطات أخرى أظهرته وهو ميت، ويقول المسؤولون الليبيون إنه قتل في تبادل نيران.
ويقول مراسلون إن بعض الليبيين قلقون من “النهاية المذلِّة” التي انتهى إليها القذافي، وذلك على الرغم من الاحتفالات التي تعم البلاد في أعقاب مقتله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق